Skip to main content

مراجعة كتاب: دمشقيَ


التقيت بسعاد العامري في فبراير الماضي في فعالية لمجموعة الروزنا الرائعة، وسمعتها تتحدث عن بداياتها ككاتبة. كنت قد سمعت عن 'شارون وحماتي' وشاهدت الكتاب خلف الأبواب الزجاجية لمعلم متاجر الكتب في غزة المصطفة واحدة تلو الأخرى، ولكنني لم أقرأ الكتاب اعتمادها مني بأنه رواية وليس سيرة ذاتية روائية (هذا التجنيس بناء على ما سمعته من الكاتبة يومها).

ذهبت بِنية حضور جميع فقرات فعالية "شباك على فلسطين" دون تفضيل واحدة على الأخرى، ونويت ألا أشتري كتبًا جديدة لا سيما وأنه كان قد مضى على معرض الكتاب أقل من شهر. ولكنني حصلتُ على الكتاب بعد سحب أجرته الروزنا أدرجت فيه أسماء الحضور. كم أنا ممتنة لهم الآن! وحصلتُ أيضًا على توقيع الكاتبة.

ترى سعاد نفسها بأنها في "حكواتية أكثر من كوني كاتبة" وتروي بخفة ظلها ونبرتها الساخرة كيف تحولت من معمارية إلى معمارية وكاتبة.

بعد أشهر من التأجيل، قررت أن أقرأ 'دمشقيَ' وشرعت في القراءة دون أن أنتبه لكلمة "رواية""على غلاف الكتاب الأمامي أو حتى أن أقرأ النبذة المكتوبة عنه في الغلاف الخلفي. كنت متحمسة للحكايات والمذكرات وخاصة وأنني من كلام سعاد عن الكتاب اعتبرته سيرة ذاتية.


يبدأ الكتاب المترجَم من الإنجليزية (لغة النص الأولى) إلى العربية (ما شجعني على قراءة النص المترجم أن الأستاذ عارف حجاوي دقّقه أما المترجِم فلم أكن أعرفه من قبل) بزواج تيتة بسيمة وجدو ونعمان إلى السبعينات من القرن الماضي مع الطريق ومن مرورًا بالتسعينات ووقتنا المعاصر. وربما لهذا يمكننا اعتبار هذا الكتاب الذي يحتوي على قصص متشابكة على مر سنواتٍ طويلة وأجيال تتداول قصصهم مع بعض بأنه رواية تاريخية خاصة وأن اسم الشخصية التي تسرد الأحداث هي ليلى (وليست سعاد). عندما قرأت اسم ليلى توقفت وتساءلت "من هذه؟" وعدت لقراءة اسم الكاتبة على الغلاف.


ويمكننا أيضًا اعتبار هذه الرواية التي يتداخل فيها الواقع مع الخيال على أنها رواية تاريخية لأن هذا العمل الإبداعي يوثق الكثير من المراحل التي مرت بها عدة مدن وقرى بجانب دمشق مثل القدس وبيروت والسلط وحوران ونابلس وعرّابة وبحيرة طبريا مع وصف دقيق للعديد من المعالم العمرانية والأسواق والقصور. ناهيك عن الإشارة إلى حملة إبراهيم باشا على فلسطين بين الأعوام ١٨٣٤- ١٨٤٤، واندلاع الثورة الفلسطينية عام ١٩٢٩ والانتداب البريطاني في فلسطين، وحلف بغداد الذي أنشأه الأمريكيون عام ١٩٥٥ وحل الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا على يد الحكومة الانفصالية، والمزيد.

ترصد الرواية أيضًا عادات الأعراس والمآتم، ووليمة يوم الجمعة والكثير من الأطباق السورية بأصنافها التي لا تغيب عن المائدة.

سرد الأحداث غير متسلسل زمنيًا؛ فتتنقل ليلى بين فترات مختلفة تبعًا للشخصية التي تركز عليها في موقف ما وتعود لتسترجع بعض المراحل من حياة تلك الشخصية. وهناك الكثير من التفاصيل التي تتطابق بين ليلى وسعاد، الأمر الذي دفعني إلى التفكير بأن الرواية واقعية بشخصياتها وأحداثها ولكن الخيال فيها جاء عند الوصف والحوار ومونولوج الشخصيات.

‏"لكن، أليست هذه الطبيعة الفطرية للعائلات جميعها وآليّتها؟ لا أحد يحبّنا ويحمينا كعائلتنا ولا أحد يؤذينا ويؤلمنا كالعائلة."

الرواية بالمقام الأول عن العائلة وعن "بيت جدّو". أما عنوان الرواية 'دمشقيَ' (My Damascus) يوقفنا لنتساءل، دمشق من؟ على من يعود ضمير المتكلم؟ أهي دمشق جدو نعمان أم دمشق تيتة بسيمة التي لم تغادرها بعد الزواج إلا مرة واحدة لزيارة أهلها في عرّابة أم دمشق سامية التي لم تتخذ القدس أو غيرها مدينتها أم دمشق ليلى أم دمشق سعاد العامري؟ أعتقد أنها دمشق كل شخصية في الرواية حتى الشخصيات الثانوية.

Comments

Popular posts from this blog

Translation: A Case of Suspicion by Edgar Wallace

"قضية اشتباه" رمى غطاء الظهر وجلس على سريره، تحسّست قدماه نعليه على البلاط البارد، الهاتف يرن بإصرار على بعد مسافة قصيرة. أشعل النور ورفع سماعة الهاتف. "معك الطبيب بنسون." قال الطبيب. كانت رياح نوفمبر تجلب أصوات الشتاء بينما كانت تعصف حول المنزل الأبيض الصغير. دخل الطبيب في ملابسه. ذهب إلى الطاولة وحدّق في ساعته، روحه تشكو من المهمة التي كانت تنتظره. الثانية تماماً. شكا عقله أيضاً التوقيت الفظيع وتساءل لماذا كان على الأطفال أن يولدوا في أوقات غير مناسبة كهذه. التقط حقيبتين صغيرتين: حقيبة الدواء القصيرة، كما كان يعرفها أهل البلدة، وحقيبة التوليد الطويلة، كانوا يطلقون عليها حقيبة الطفل. توقف الطبيب (بنسون) هنيهة ليشعل سيجارة، ثم وضع علبة السجائر في جيب معطفه. كانت الرياح كسكين جرّاح في وجهه عندما فتح الباب وانطلق، منحنياً لأسفل، حول الممر إلى المرآب. اشتغلت سيارته بصعوبة، وأسعلت ست مرات بينما قاد أسفل الممر ولكن بعدها بدأت تعمل بسلاسة عندما انخفض من شارع العشب وتوجه إلى الطريق السريع المهجور. كان لدى السيدة (أوت سورلي)، الذي كان الطبي...

Translation: The Story of An Hour by Kate Chopin

"قصة ساعة" يُعرف بأن السيدة (مالارد) كانت مبتلية بمشكلة في القلب ولذا أُخذ حرصاً كبيرًا قدر الإمكان لنقل خبر وفاة زوجها لها بلطفٍ. كانت أختها (جوزفين) من أخبرها بذلك بجُملٍ مُكسّرة، وبتلميحاتٍ مبطّنة كشفت بما يقارب الإخفاء. كان (ريتشاردز) صديق زوجها هناك أيضاً، بالقرب منها. لقد كان هو الذي تواجد في مكتب الصحيفة عندما استقبلت مخابرات كوارث السكة الحديدة، حيث كان اسم (برينتلي مالارد) متصدراً قائمة الأموات. فقد قام فقط بأخذ بعض الوقت ليتسنى له بأن يتأكد بنفسه حقيقة الخبر ببرقية ثانية، وأسرع ليسبق أي شخص أقل عناية أو صديق أقل حناناً من أن يحمل الرسالة الحزينة. لم تسمع القصة كما سمعت العديد من النساء مثيلتها، بعجزٍ كسيح لقبول ثقل هذا الخبر. هي بكت على الفور بإحجام فجائي وجامح، بين ذراعي أختها. وعندما انقضت عاصفة الحزن ذهبت إلى غرفتها وحيدةً. لم تشأ من أيهم أن يتبعها. هناك، مواجهاً الشباك المفتوح، وقف الكرسي الفسيح المريح. فيه انخفضت، مضغوطة بإرهاقٍ جسدي سكن جسمها وبدا بأنه بلغ روحها. استطاعت أن ترى في المربع المفتوح أمام منزلها أعالي الأشجار التي كانت جميعها م...

Book Review: Cruel Beauty by Rosamund Hodge

“Knowing the truth is not always a kindness.”  Cruel Beauty is the Perfect blend of Greek Mythology and a Beauty and the Beast retelling, along with modified hints of other fairy tales. Nyx Triskelion was betrothed since birth to the demons' prince due to a foolish bargain her father struck with him. All her life she had been trained to kill him and save her land, Arcadia forever from his curse. It's thought that nine hundred years the Gentle Lord or Ignefix had sundered Arcadia from the world, casting a false sky over it. Inside the spacious tower, Nyx met Shade, who was a shadow, and instantly liked him as he showed kindness towards her. However, after spending some time in Ignefix's company, Nyx found out that he was quite as helpless as all of them because he's bound to his masters, who were responsible for the sundering. I love that Nyx was not made to be a sweet, innocent girl, and she didn't succumb to her fate and get all overly-confident...